-
"كامب ديفيد": الحرب ليست "نزهة" ولا "زبد محيط"
نقطة تحول مُقلقة في التوازنات الاستراتيجية بمنطقة شرقي آسيا، قد تصل لتصعيد جديد بين الصين والولايات المتحدة، وربما إلى اندلاع مواجهة عالمية ثالثة، بعد "الناتو الآسيوي" الجديد إثر اللقاء الثلاثي بين كبار قادة أميركا واليابان وكوريا الجنوبية في منتجع الرؤساء الأميركيين الشهير بولاية ماريلاند "كامب ديفيد"، على شاكلة "الناتو الغربي" الذي يُراهن على القوة العسكرية اللازمة لإدارة الأزمات حال فشل الحلول السلمية للنزاعات.. وحتى لوقت قريب لم يكن من المُتخيل أن تأتي فكرة هذه القمة، منذ عقود بين حلفي واشنطن المُرتبطين بمعاهدة، وهما قاعدة لنحو 84.500 ألف جندي أميركي، مُرتبطة بالاحتلال الياباني لشبه الجزيرة الكورية في الفترة ما بين 1910 - 1945.
هي قمة لم تكن اعتباطية، بل كان لها دلالات رمزية تهديدية مصيرية للصيني وكوريا الشمالية وصديقتيهما الدُب الروسي، سيكون لها تأثيراتها المحورية والمهمة على العلاقات الدولية وأقطابها، في ظل تحالفات جديدة ضمن سياق الأحلاف السياسية الدولية بداية من تحالف "أوكوس" بين أميركا وأستراليا وبريطانيا، ثم تحالف "كواد" الذي يجمع أميركا واليابان وأستراليا والهند؟، ليجد العالم خريطة تنافسية جيوسياسية جديدة متأججة في منطقة آسيا والمحيطين الهادئ والهندي. وصولاً لبلورة ما يطلق عليه "الناتو الآسيوي"، الذي يستهدف في الحال والاستقبال مواجهة بيونغ يانغ وصواريخها التي تهدد نقاط البيت الغربي الزجاجي حول العالم، وحصار الصين المتسارع ليحكم العالم عبر ديون الدول واستثماراتها، ولا ننسي الدُب الروسي وحربه مع أوكرانيا.
يبدو أن الرئيس الأميركي العجوز (العاجز) قد اقتنع بعد الهزيمة الأمريكية في أفغانستان، والانسحاب المُهين، والفشل في العراق وتهديد المصالح الأمريكية بكافة أصقاع الأرض، لا سيما الرضوخ الأخير لمطالب إيران، ونهاية الوجود الغربي في إفريقيا وأخرها الوجه الفرنسي في النيجر.. كل تلك المصائب جعلت "بايدن" وإدارته يقتنعون بأن العالم قد وصل بالفعل وضعاً متأزماً، لكن (قد فات الآوان) خاصة وأن بايدن على أعتاب السجون مع اقتراب خروجه أو نهاية فترة رئاسته التي كانت أسوأ من سابقيه، بما يعني أنهم بحاجة إلى ميلاد مجموعة مختلفة من التركيبات الغربية والشرقية الآسيوية بل وهُم في أمس الحاجة إليها، خاصة في تلك الفترة الحرجة بين عوامل القوة والضعف.. وتقدم مجموعة "بريكس" لكسر منظومة الغرب، حيثُ تعقد قمتها الـ15 بجوهانسبرغ، وفتح أبوابها لدول جديدة أبرزها السعودية والجزائر حالياً، ويعوّل عليها لتأسيس نظام دولي جديد، يُهدد خلافات وعوامل قصور، لم تنجح فيها الأحلاف القديمة من كلا الطرفين أو القوتين أو التحالفين الدوليين.
لكن الاختلاف في فكرة "الناتو الآسيوي" أنه يُحاول استدراج دول آسيوية جديدة للعضوية فيه وفق المادة (10) من اتفاقية الحلف لتعزيز مبادئ هذه المعاهدة والمساهمة في أمن منطقة شمال الأطلسي، بإجمالي نحو 3.5 مليون للعسكريين والقوات المدنية وأكبر جيوشه الجيش الأميركي 1.35 مليون جندي، تركيا 447 ألف فرد، وفرنسا 207 آلاف جندي، ثم ألمانيا 188 ألفاً، فإيطاليا 174 ألفاً، وأخيراً المملكة المتحدة 156 ألفاً، والسؤال هل العدد البشري له قيمة؟ أم أن القوة في التكامل والتكنولوجيا المتقدمة، إذا أخذنا في عين الاعتبار أن عدد الجيش الصيني العامل نحو 2.3 مليون جندي واحتياطيه 2.2، بينما كوريا الشمالية 1.2 مليون جندي واحتياطيه 4.5 مليون.. فالقدرات العسكرية لواشنطن وطوكيو وسيول، يقلق المنطقة الآسيوية، فالجيش الأميركي الأول مع الجيش رقم 5 الياباني، الكوري الجنوبي رقم 6 يجعل لهم الهيمنة باقتدار تقليدياً أو تقنياً أو نووياً.. ومن هنا نفهم أهمية التعاون الثلاثي الجديد، ليصبح بعيداُ عن كونهُ تحالفًا سياسيًا يتجاوز أهدافه الوراثية للتحالفات الدولية في ظل عالم متغير متسارع الأحداث، يُحاول الجميع حماية أمنه ولكن بصورة جماعية، لكن الأمر كذلك يطرح علامة استفهام واسعة وكبيرة وخطرة، فالأمر ليس "نزهة" ولا "زبد محيط" فهي نقطة تحول عسكري وبداية حرب تتهيأ بالأفق.. فأين القوة العربية بينهما ومنطقة الشرق الأوسط المُحاط بلهيب التكتلات؟
ليفانت - إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!